مزارات أُعيد ترميمها.. حكايات تاريخية من القاهرة إلى موسكو
تمثل حماية التراث والمباني الأثرية للأجيال القادمة تحديا حقيقيا للمطورين والمهندسين المعماريين، وهناك طرق متعددة للحفاظ على المباني الأثرية، والتعريف بسياقها التاريخي، واستخدامها لتنشيط القيم التراثية والثقافية للمجتمعات المختلفة، لأن التراث المعماري يتعرض في كثير من الأحيان للتلف نتيجة الإهمال، أو طرق الترميم الخاطئة.
يرتبط التراث المعماري بعلاقة وطيدة مع برامج الهندسة المعمارية، التي تعلم كيفية التعامل مع المبنى التراثي أو الأثري، بطريقة تحافظ على التصميم الأصلي، وتقيم أهمية الأثر وسياقه التاريخي الذي يجب أن يشكل جوهر عملية الترميم.
تتم عمليات الترميم وفق أكثر من خطة هندسية، تبعا لنوع الأثر وتاريخه وحالته، ومن هذه الخطط المعمارية، بقاء الأثر على وضعه الحالي والحفاظ على الشكل الأخير له، أما الخطة الثانية تعتمد على معالجة أسباب التهالك، مع تدعيم المنشأة كلها، ويمكن أيضا إعادة استخدام المبنى مجددا، كطريقة للحفاظ عليه، أما الخطة الأخيرة تعتمد على إعادة المبنى لشكله الأصلي وقت بنائه.
يبقى الترميم في النهاية علاجا لما تم تخريبه بالفعل، فقد يتم إصلاح الأثر وإعادته للحياة، لكن تفرد وجمال ما قد فقد لن يسترد أبدا، لذا يبقى الحفاظ على الأثر والتعامل معه بأكبر قدر من الاهتمام هو الاختيار الأمثل قبل الاتجاه إلى الترميم، وهنا نظرة على بعض المباني الأثرية التي أعيد ترميمها لتعود للحياة من جديد
قلعة هيروشيما
فقدت هيروشيما في اليابان العديد من مواقعها الثقافية والأثرية، عندما سقطت عليها القنبلة الذرية، ومن ضمن المواقع الأثرية التي تضررت، كانت قلعة هيروشيما التي يبلغ عمرها 500 عام، وأعيد بناء المبنى الرئيسي للقلعة عام 1957، ويعد المبنى حاليا متحف يغطي تاريخ هيروشيما قبل الحرب، ويمكن للزائر مشاهدة بقايا المباني القديمة التي كانت تجاور المبنى الرئيسي قبل الانفجار الكبير.
كاتدرائية ريمس
تقع كاتدرائية ريمس شمال باريس، وهي قديمة قدم مدينة نوتردام، وبنيت عام 1275 في موقع الكنيسة القديمة التي دمرتها النيران عام 1211، واشتعلت النيران في الكاتدرائية مرة أخرى عام 1481، ودمر الحريق برج الأجراس والسقف، لكن تم ترميمها مرة أخرى بشكل سريع.
كما تضررت الكاتدرائية مجددا خلال الحرب العالمية الأولى بعد هجوم ألماني أتلف النوافذ والواجهة، ثم أعيد ترميمها مرة أخرى.
اشتعلت النيران مرة أخرى في الكاتدرائية عام 2019، وتضررت وما زالت مغلقة أمام الجمهور حتى الآن، لكن في المستقبل سيكون حريق 2019 مجرد فصل جديد في تاريخها.
قصر ريبيرا
دُمرت مدينة لشبونة البرتغالية بالكامل عام 1755 في واحد من أكثر الزلازل دموية في التاريخ، وجراء ذلك فتحت شقوق كبيرة في الشوارع، وفاضت مياه الميناء على المدينة، كما احترقت المدينة بسبب مئات الشموع التي أضيئت لعيد القديسين قبل لحظات من بدء الزلزال.
وكان قصر ريبيرا يضم المكتبة الملكية وعددا من اللوحات التي لا يمكن تعويضها، ثم أعيد ترميم القصر والمكتبة، مع تغيير بعض التفاصيل الزخرفية، لكن التصميم تم على طراز القصر القديم، مع المحافظة على الشكل الأصلي قدر الإمكان.
كاتدرائية المسيح المخلص
في الأيام الأولى من قيام الاتحاد السوفياتي، هدم العديد من الكاتدرائيات، بسبب الحملات المعادية للدين، بما فيها كاتدرائية المسيح المخلص في موسكو، حيث اختار القادة السوفيات موقع الكنيسة مكانا لبناء قصر الحاكم.
وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي في التسعينيات، بدأت الحكومة في إعادة بناء العديد من الكنائس، من ضمنها كاتدرائية المسيح المخلص التي أعيد بناؤها عام 1994 وفقا للتصميم الدقيق للمهندس الأصلي.
المسجد الأموي
يعتبر المسجد الأموي من أقدم آثار مدينة حلب، وهو مدرج على قائمة مواقع التراث العالمي في اليونسكو، تأثر المسجد بالحرب التي دارت في سوريا، كما تعرضت مكتبته التاريخية للحرق، وانهارت مئذنته التاريخية.
لكن تم البدء في ترميم المسجد، وبدأت عملية الترميم بالعمود الرئيسي ومدخل المسجد، ثم إعادة تركيب حجارة المئذنة وجزء من البوابة، لإعادة تأهيله وفتحه مرة أخرى للجمهور.
قصر البارون
قصر البارون في القاهرة بناه المليونير البلجيكي ومؤسس منطقة مصر الجديدة “إدوارد لويس جوزيف إمبان” الشهير بـ البارون إمبان نهاية القرن ١٩.
واختار البارون تصميما يجمع بين أسلوب عصر النهضة والطراز الكمبودي الذي يظهر في التماثيل الخارجية، والبرج الطويل المزين بتمثال بوذا، وزينت حديقة القصر بالتماثيل المثيرة، والنباتات النادرة، أما القصر فقد كان مزينا بالأبواب المذهبة والمرايا البلجيكية، والعديد من المقتنيات التي سرقت بعد هجر لعقود.
أعيد افتتاح القصر بعد ترميمه، وعودته لشكله الأصلي كقصر ذي طابع هندي وطراز كمبودي هندوسي يشبه القصور الحمراء الأثرية في آسيا.
لا تعليق